رحلة العذاب
==============بقلمي
من يافا وقراها بدأت رحلة العذاب
لا تسمع الا صراخ أطفال أبرياء
ونساء وشيوخ يتخبطون بأقدامهم في كل الأتجاهات
ان تعبت أقدامهم يرتاحون بين ظلال الأشجار
ثم يستأنفون رحلة النسيان ليصلوا الى عنوان
لا حدود يفصلهم عن الموت ولا مكان
فلسطين بسهولها وجبالها ومدنها في ثورة بشرية
ابتعدنا قليلا ونحن نسير سويا مع جحافل الهاربين
حتى وصلنا على مشارف قرى رام الله والقدس وجنين
وأستمر مواكب المهاجرين يرسمون لهم دوائر هنا وهناك
بين الكنائس والمساجد وتحت أشجار الزيتون
بدأ الدخان يعلو سماء المكان ممزوجا بدموع الثكالى والشيوخ والأطفال
حيث لا يزال الخوف والرعب والمجهول الى أين المقام
استوقفني حوار جميل جمع بين أطفال يبتسمون
بالقرب من أسرهم يلهون وشيخ بالقرب مننهم تجاوز الستون
وطفلة صغيرة تداعب بأناملها شعره وتمسح عنه الدموع
تقترب منه وترسم له بسمة رغم حزنها الدفين
تخفيه في بحر عينيها وتظله برموشها كأنه سد منيع
وهي تعلم ما يدور في خلجان جدها من حزن أليم
بدأ الحوار ======
هيا يا عائشة الينا لنلهو سويا
ألم تكوني تعشقي لعبة الحجلة والقفز على الحبلة
بدونك لا يحلو الغناء فصوتك جميل ولديك كلمات ليس لها مثيل
يا فاطمة يا ابنة العم ....لمن ألهو وأغني ألا تشاهدي جدي
يذرف الدموع على أمي وأبي
كيف آتي بكلمات حزن لم تروادني يوما من الأيام
ما تعلمناه الا الحب والعشق للأوطان
أعيدي لنا المكان عندما كنت أنادي امي وابي وهما في الحقل يعملان
وينشدون بأعذب الألحان وجدي يشاركهم فرحتهم
ألا تشاهديه اليوم سارح في الخيال وما أهل بنا من ظلام
ساد الصمت فاطمة وأصابها برهة الوجوم
بماذا تجيب توأم روحها ولا تشاركها الهموم
ألقت ما بيدها من حبال وتجمع الأطفال وحولوا فرحتهم الى بكاء
يا ابنة خالي =======
نحن اليوم أطفال هل بيدنا نغير الحال ونعيد ما كان
قلبي يغتصره الألم على العم والخال
اطلق الرصاص عليهم أمامي ألا تشاهدي دمهم على ردائي
ملاصقا لجسدي ليبقى معي في رحلة النسيان
آآآآآآه منك حذفت من ذاكرتي الأفراح وترسخت بها الأحزان
ستبقى حتى نعود الى الحقل والبستان
رحل الحد وكبرت الطفلتان وأصبح لديهن من البنين والبنات
ولا تزال فاطمة تحتفظ بردائها المزخرف بالدحنون والزعفران
وعائشة تروي لها الذكريات وكلاهما ينظران
الى زهرات الفؤاد وهم يصرخون في الأزقة والحواري وساحات الأقصى
النداء يلبون يعلوا أصواتهم
يا رياح الشرق هبي لي في يافا ذكريات
أمي وأبي تحت الثرى هناك
وجدي هنا أسمع أنين صوته يناديني بنقل رفاته الى وطن الخلد والكبرياء
وهذه عائشة لا يزال فستانها يقطر منه الدماء كأنه الأمس يا رب السماء
فلسطين لنا ولغيرها لا يحلوا لنا في الدنيا بقاء
=====================
بقلمي الأديب د. رسمي خير
من كتاب ندى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق